في مشهد استثماري لافت، تصدرت مجموعة Castel الفرنسية المشهد في البورصة التونسية بعد أيام قليلة من أنباء التحقيقات الجبائية حول الشركة التونسية للمشروبات والتوزيع (SFBT). حيث شنت المجموعة عبر ذراعها الدولي BGI حملة شراء مكثفة استمرت على مدى شهر كامل، بدأت بصفقة متواضعة يوم 22 أوت 2025 بلغت 8,100 سهم، لتنطلق بعدها في سلسلة عمليات متصاعدة بلغت ذروتها يوم 15 سبتمبر بصفقة مليون و31,501 سهم، قبل أن تختتم الحملة يوم 19 سبتمبر بشراء 146,220 سهم.
يشير التحليل الدقيق لتسلسل عمليات الشراء وتوقيتها إلى وجود استراتيجية محكمة، حيث بدأت المجموعة بصفقات استكشافية صغيرة قبل أن تنتقل إلى عمليات أكبر حجماً، مما يوحي بأن الحملة كانت مدروسة بعناية وليست مجرد رد فعل عشوائي على أنباء التحقيقات. وقد أسفرت هذه الحملة عن نتائج ملموسة على أرض الواقع، حيث تمكّن السهم من الحفاظ على عائد إيجابي بلغ 18.71% منذ بداية العام، كما استقر عند سعر 12.98 دينار كسقف دعم قوي.
في المقابل، شهد السوق تحركات بيعية من مستثمرين آخرين، أبرزها بيع مليون سهم من قبل Partner Investment، إلا أن مجموعة Castel استطاعت تحويل هذه التحركات إلى فرصة لتعزيز موقعها الاستراتيجي في الشركة.
يظل السؤال الأبرز: هل كانت هذه الحملة مجرد خطوة ظرفية لمواجهة تبعات أنباء التحقيقات الجبائية؟ أم أنها استغلال للفرصة لتعزيز السيطرة على الشركة؟ تشير القراءة المتعمقة إلى أن الحملة تحمل في طياتها كلا الجانبين: فهي من ناحية تمثل إجراء وقائياً لحماية استثمارات المجموعة وطمأنة الأسواق، ومن ناحية أخرى تتيح للمجموعة تعزيز وجودها في الشركة بأسعار قد تكون مُفضلة.
يشدد خبراء السوق على أن التحقيقات الجبائية تبقى عامل خطر حقيقي لا يمكن تجاهله، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 70% من الحالات المشابهة في البورصة التونسية انتهت بتقلبات سعرية حادة، فيما لم يحافظ سوى 30% منها على استقرار طويل الأمد. وفي هذا السياق، ينصح الخبراء المستثمرين الأفراد بعدم التسرع في اتخاذ القرارات، والانتظار حتى ظهور نتائج التحقيقات الرسمية، مع ضرورة استشارة المختصين واعتماد استراتيجية طويلة الأمد.
تبقى الحملة الأخيرة لمجموعة Castel مثالاً على تعقيدات الاستثمار في الأسواق الناشئة، حيث تتداخل العوامل الاقتصادية مع الاعتبارات القانونية والاستراتيجية. الواضح أن الأيام القادمة ستكشف عن حقيقة هذه الاستراتيجية ومدى نجاحها في تحقيق التوازن بين حماية الاستثمار وتعزيز المصالح الاستراتيجية، في وقت تظل فيه أنباء التحقيقات الجبائية عاملاً مؤثراً في مستقبل الشركة وأداء سهمها في البورصة.
لا ردود حتى الان