في إطار دعم خيارات الدولة التونسية التي أعلنها رئيس الجمهورية، والتي تتمثل في التعويل على الذات وتعزيز قطاعي الصناعة والتكنولوجيا في تونس وتقليص التوريد، صادق مجلس نواب الشعب سنة 2023 على قانون المالية لسنة 2024. تضمن القانون الفصل 40 الذي يفرض أداءات ديوانية بنسبة 30% على الألواح الشمسية الموردة من الخارج، بهدف التشجيع على اقتناء الألواح الشمسية المصنّعة في تونس، على أن يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في سنة 2025.

غير أن وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة أثارت استغراب العديد من المتابعين للشأن الطاقي في مقترح قانون المالية لسنة 2025، من خلال إعادة طرحها لتعديل القانون وتخفيض الأداءات الديوانية على الألواح الشمسية الموردة إلى 10%. هذا التعديل يجعل الأداءات الديوانية والتكلفة العامة للألواح الشمسية المستوردة أقل من تكلفة تلك المصنعة محليًا، مما يتعارض بشكل واضح مع توجهات الدولة نحو التعويل على الذات ويهدد مستقبل التصنيع المحلي في هذا المجال الواعد.

ويرى العديد من المختصين أن هذا التوجه يشكل دعماً غير مباشر لشبكات التوريد، دون تقديم أي دعم فعلي لتطوير قطاع صناعة الألواح الشمسية محليًا. ويخشى البعض أن يؤدي هذا التوجه إلى إضعاف الصناعة الوطنية وزيادة الاعتماد على الواردات، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها تونس.

تجدر الإشارة إلى أن تونس تضم عددًا من المؤسسات المتخصصة في تصنيع الألواح الشمسية، والتي تركز حالياً على التصدير إلى الأسواق الأوروبية. ويعود ذلك إلى الامتيازات الممنوحة للواردات على حساب الإنتاج المحلي، حيث يستفيد المستوردون من تخفيضات كبيرة في الأداءات الديوانية، مما يجعل المنتجات المستوردة أكثر تنافسية في السوق المحلية.

ويعتقد العديد من المتابعين أن تونس تمتلك قدرات كبيرة تمكنها من بناء نسيج صناعي متطور في مجال صناعة الألواح الشمسية، على غرار النجاح الذي حققته في مجال صناعة مكونات السيارات. غير أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إزالة الامتيازات الممنوحة للتوريد على حساب التصنيع المحلي، وتقديم الدعم اللازم للشركات التونسية لتطوير أنشطتها. كما ينبغي تشجيع الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة من خلال تسهيل إجراءات الاستثمار وتقديم حوافز مالية للشركات الناشئة والمستثمرين المحليين.

وبحسب مصادر مطلعة، يُنتظر أن يتمسك مجلس نواب الشعب في قانون المالية لسنة 2025 بتطبيق ما ورد في القانون السابق، نظراً لأنه يعكس رغبة البرلمان وتوجهات الدولة التونسية لتعزيز الاقتصاد المحلي. وقد اعتبر العديد من المراقبين أن المبررات التي قدمتها وزارة الطاقة تفتقر إلى رؤية طويلة المدى، وتخدم بالأساس مصالح شبكات التوريد والشركات الأجنبية.

تعليق حر
مقالات ذات صلة
التصنيفات

لا ردود حتى الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *