منذ مدة يشهد السوق التونسية نقص كبير في مادة السكر الذي اصبح يباع بسعر مضاعف للمواطن اذا، واسباب الازمة في هذه المادة الهامة بالنسبة للمواطن والحيوية لقطاع الصناعات الغذائية تعود لعوامل خارجية منها نقص المادة من السوق العالمية على خلفية ازمة الحرب الروسية الاكرانية والارتفاع الكبير لتوريد هذه المادة، لكن الازمة تعود ايضا لغياب سياسة تونسية لتحقيق نسبة من الاستقلال في انتاج هذه المادة محليا من خلال توفير ظروف الانتاج ودعم المزارعين وتسديد مستحقات المصانع المنتجة الي غير ذلك.
سنة 2013 اطلقت في تونس تجربة احياء زراعة اللفت السكري في جهة جندوبة وباجة مع احياء مصنع السكر في جندوبة GINOR وذلك بهدف تطوير الانتاج المحلي لهذه المادة وتقليص التوريد وكانت التجارب واعدة من حيث انتاج السكر والعلف المستخرج من لب اللفت السكري لكن التجربة تعرضت الى عديد العراقيل منها تخفيض المساحات المزروعة وتعطيل عملية الزراعة لتنخفض المساحات المزروعة الي 900 هكتار في موسم 2021 و2022 وهي مساحة صغيرة لتوفر انتاج وطني هام.
الدولة التونسية تورد اللفت السكري من الخارج بتكلفة تتجاوز ال2 دينار تونسي للكلغ الواحد تذهب لدعم مزارعي اللفت السكري في البرازيل وغيرها من البلدان لكنها تشتري السكر بمبلغ لا يتجاوز ال1.3د من الفلاح التونسي ما يعني انها تدعم الفلاح الاجنبي على حساب المزارع الوطني.
السبب الثالث هو ان ديوان التجارة يفرض على الشركة المنتجة للسكر المحلي التونسي ان تبيع منتوجها لفائدة شركات صناعية اخرى عبر الديوان بسعر اقل من سعر تكلفة الانتاج على اساس انه سيتم لاحقا تعويض المصنع المنتج خسائره (الدولة هي التي اختارت ان يكون السكر مدعم) لكن ديون المصنع تراكمت وهو ما تسبب له في مشاكل مالية.

ما يعيشه العالم اليوم هو انذار بالخطر الذي يتهدد الدول التي لا تسعى الي تطوير انتاجها المحلي من المواد الاستراتيجية وهو ما يفسر السياسات الهامة التي قامت كل من المغرب والجزائر ومصر في السنوات الاخيرة لدعم انتاجها للسكر.
على الدولة في تونس ان تضع سياسة حقيقية لدعم المزارعين التونسيين عوض دعم المزارعين الاجانب ودفع الانتاج المحلي من اللفت السكري وتوفير المساحات للزراعة والايفاء بالتزاماتها المالية، وعدم اجبار مصانع الانتاج على البيع مصانع اخرى تحقق الارباح بسعر اقل من التكلفة والتسبب له في ازمات مالية تعطل الانتاج والتطوير.

تعليق حر
مقالات ذات صلة
التصنيفات

لا ردود حتى الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *