في الوقت الذي يستعيد فيه قطاع النقل الجوي عافيته بعد ازمة كوفيد 19 حول العالم، اليوم وبحسب كل الارقام والمعطيات الرسمية  تعيش تونس اسوء وضعية لقطاع النقل الجوي بين كل البلدان  الافريقية. مع التدهور الكبير لوضعية الناقلة الوطنية “تونيسار” وضرب كل مبادرات الاستثمار الخاصة متمثلتين بالأساس في  شركة سيفاكس ار لاينز وشركة Jasmin اروايز. كل هذا  وسط عجز تام للدولة ووزارة النقل بل واسهام بعض الادارات الحكومية والرسمية في مزيد تأزيم الوضع.

شركة الخطوط التونسية التي كانت منذ زمن غير بعيد مفخرة تونسية  واحدى ابرز الشركات الرائدة افريقيا وعربيا  في قطاع النقل الجوي اصبحت اليوم تعيش حالة افلاس غير معلنة مع ديون كارثية وصلت الى 2200 مليار، وغياب اي رؤية اصلاحية حقيقية من قبل الدولة ووزارة النقل.

شركة سيفاكس التي انطلقت سنة 2012 باستثمار خاص هام واحلام كبيرة حيث تحصلت على جائزة احسن شركة احتراما للوقت في المطارات الفرنسية وفتحت اول خط مباشرة بين تونس وكندا وكان في برنامجها خطين مباشرين مع الصين واليبابان لكنها  وجدت نفسها تواجه العراقيل الادارية  والبيروقراطية التي اضرت بها  بالإضافة الي الخسائر الفادحة  التي سببتها الضربات الارهابية سنة 2015  وتسببت في تراجع كبير لعدد السياح مما دفعها الى تعليق مؤقت لنشاطها سنة 2015 لإعادة الهيكلة، الشركة حاولت النهوض مجددا باستثمار جديد سنة 2018 في اطار برنامج انقاذ مصادق عليه من القضاء لكنها وجدت نفسها مجددا امام التعطيلات الادارية الغير  مفهومة، ففي بلد يعيش نقص طائرات تجد  طائرات سيفاكس مرمية في المطارات لأشهر في انتظار ترخيص يمكن لإدارة فعالة ان تنهي اجراءاته في بضع ايام، ليتم مؤخرا الزج بها في اتهامات في علاقة بالتسفير وهي اتهامات تسيء لصورة قطاع النقل الجوي في تونس وغير معقولة من حيث المنطق لان مراقبة المطارات والمسافرين هي مهمة حصرية للأجهزة الامنية والديوانية ووزارة النقل و لا يحق لأي شركة نقل جوي التدخل فيها….

شركة Jasmin Airways هي مبادرة خاصة اخرى انطلقت سنة 2019  لكن بعد اشهر قليلة وجدت هي ايضا وجدت نفسها امام صعوبات مالية وعرقلة ادارية وتوقف لنشاطها منذ اشهر  ليتكرر السيناريو بنفس التفاصيل وكان محرج التدمير واحد.

بالتزامن مع هذه الوضعية الكارثية يشهد قطاع النقل الجوي في تونس عزوف كبير من الاستثمار الداخلي والخارجي رغم ان بلادنا من اهم المواقع الجغرافية، فالجميع يخشى لعنة الاستثمار  في مجال النقل الجوي في تونس  لان التعطيلات والفساد من امامه والافلاس سيكون من ورائه، في نفس الوقت  تشهد عديد البلدان على غرار المغرب ومصر استقطاب هام للاستثمار الخاص في مجال النقل الجوي وتطور هام لهذا القطاع.

ما يحدث في قطاع النقل الجوي في تونس غريب وعجيب فكيف لبلد يمتلك افضل المواقع الجغرافية وافضل الكفاءات من طيارين وتقنيين ويمتلك تاريخ كبير في مجال النقل الجوي ان يتحول الي مقبرة للنقل الجوي ومقبرة للاستثمار في هذا المجال، امام عجز ام تواطئ الوزارات والحكومات….

ما يقع في مجال النقل الجوي في تونس خطير للغاية، فالبلد الذي يدمر فيه قطاع حوي مثل النقل الجوي لا يمكن الحديث فيه لا عن استثمار ولا عن نجاح ولا عن امكانية تجاوز الصعوبات الاقتصادية واستعاد الحركية السياحية، فالنقل الجوي قطاع عصبي اذا خرب خربت كل مفاصل الاقتصاد.

مريم س

تعليق حر
مقالات ذات صلة
التصنيفات

لا ردود حتى الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *