سيتساءل الكثيرون لماذا ننشر مقالًا حول “اتصال الأزمة” بعد حوالي شهر ونصف من الحريق الذي وقع في مؤسسة بنك الزيتونة في 3 مايي 2023. يمكن تفسير هذا الأمر بسبب الرغبة في تسليط الضوء على مدى أهمية تقييم سياسات اتصال الأزمة بعد مراقبة الوضع وتقييم تأثيراته بعد فترة من وقوعه. فاتصال الأزمة يلعب دورًا حاسمًا في إدارة الأزمات وتقليل الأضرار والتأثيرات السلبية. من خلال التواصل الجيد والتنسيق الفعال، تتمكن المؤسسات من التحكم في الأوضاع الطارئة واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الممتلكات والبنية التحتية والمصالح العامة.

ونجاح عمليات اتصال الأزمة هو أحد مؤشرات نجاعة المؤسسات وحسن إدارتها وحوكمتها واستعدادها لمواجهة التحديات الطارئة.

وعند العودة إلى حريق بنك الزيتونة، فقد هز الرأي العام في تونس يوم 3 مايي 2023 اندلاع النيران بشكل مفاجئ في المقر المركزي السابق للبنك في منطقة الكرم، حيث أتت النيران على جزء هام من المبنى. انتشرت رواد مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام لتغطية هذا الحدث الغير معتاد في تونس، وتم تداول مقاطع فيديو للحريق الهائل والصور المفزعة.

في الساعات الأولى، كانت هناك حالة من عدم اليقين حيث اعتقد الناس أن البنك سيواجه صعوبات خاصة بعد هذا الحدث غير المألوف في المؤسسات المالية الكبرى. كما شعر العديد من عملاء البنك بقلق كبير بشأن سلامة أموالهم وسجلاتهم المصرفية وسلامة البنية التحتية للمعلومات. تعززت حالة القلق بسبب تعدد الروايات حول الحادثة.

تلزم الوضعية الاستثنائية للبنك باتخاذ إجراءات اتصال أزمة عاجلة للتعامل مع هذا الوضع، خاصةً أنه أصبح موضوعًا يشغل الرأي العام. في هذا السياق، في أول رد فعل له بعد حوالي ساعة ونصف من الحادثة، قام البنك بنشر بيان أكد فيه أن الحادثة لم تتسبب في أي خسائر بشرية أو في نظام المعلومات، باستثناء بعض الأضرار المادية في المبنى. أكد البيان استمرار سير العمليات المصرفية في جميع الفروع. يبدو أن هذا البيان المقتضب هدفه الأساسي كان توجيه رسائل طمأنة حول عدم وجود خسائر بشرية وعدم التركيز بشكل كبير على المسائل المادية والخدماتية في البداية. يأتي ذلك لجمع المزيد من المعلومات وحتى لا يظهر البنك في الناحية الأخلاقية كجهة تهتم بالجوانب المادية أولاً.

في اليوم التالي للحادثة، قرر البنك التواصل مع وسائل الإعلام، خاصة الإذاعات الكبرى، للحديث عن الحادثة وإرسال رسائل طمأنة للرأي العام، وخاصة العملاء. ونظرًا لحساسية الموضوع، تم تكليف المدير العام “نبيل مدني” بتلك المهمة، حيث ظهر في حوارات على عدة إذاعات كبيرة مثل موزاييك أف أم وشمس أف أم واكسبراس افم واي اف ام . أكد في كل مداخلة سلامة المنظومة الإعلامية للبنك واستقرار بيانات العملاء، وأن المؤسسات والفروع تعمل بشكل طبيعي، وأن الخسائر اقتصرت على الأضرار المادية فقط. حرص في كل مداخلة على توجيه رسائل شكر لحملة التضامن مع البنك وموظفيه.

بعد هذه الجهود الاتصالية، بدأت الأمور تستقر تدريجيًا مع توضيح العديد من المسائل المتعلقة بالحادثة والإجابة على التساؤلات وتراجع حالة القلق التي انتابت العملاء.

بنك الزيتونة انتقل بعدها إلى الخطوة الاتصالية الثالثة، حيث استغل حالة التضامن معه وتقديرها كفرصة لخدمة صورة المؤسسة وإبرازها كمؤسسة عريقة ومحبوبة يتضامن معها الجميع. تلقى العديد من رسائل الشكر للمتضامنين وتم تنظيم حفل تكريم لهم في الحادثة التي تعرض لها البنك.

تشير الاستراتيجية الاتصالية لبنك الزيتونة في التعامل مع حادثة الحريق إلى أن المؤسسة وضعت مسبقًا سياسات اتصال أزمة وتجاوبًا مع مثل هذه الأحداث الطارئة. لم نشهد أي تخبط في الاتصال أو غياب للمعلومات أو ضعف في التواصل مع الرأي العام والعملاء، بل تم توجيه رسائل الطمأنة والشكر بشكل فعال. يعكس هذا النهج الاحترافي استعداد البنك لمواجهة التحديات الطارئة وإدارة الأزمات بشكل فعال.

مريم س

تعليق حر
مقالات ذات صلة
التصنيفات

لا ردود حتى الان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *